تُعرّف المواجهة في القاموس على أنها وضع عدائي أو جدلي بين طرفين معارضين. إن هذا التعريف شديد اللهجة، يجعلني أفهم كره الناس للمواجهات واعتبارها غير مريحة. لكن الواقع قد يظهر العكس، فالمواجهة ليست سيئة أو مخيفة دائماً، بل يمكننا الاستفادة منها في عملنا وعلاقتنا وهي من أهم صفات القائد. نأمل أن يوضح لكم مقالنا هذا أهمية المواجهة ونتائجها الإيجابية.
يعود السبب الحقيقي وراء الهروب من المواجهة إلى خوفنا من النتائج وغياب الثقة الكافية لاتخاذ هذه الخطوة. وفي أغلب الأحيان، نتردد في مواجهة شخصا ما خوفاً من تعقيد الأمور معه، حيث نفترض أن رد فعلهم سيكون مملوء بالغضب والإزدراء، لهذا نفضل الهروب على المواجهة. لذلك، يعتبر النقاش مع شخص ما حول موضوع محدد يظهر مدى احترامكم لمشاعره ويعزز العلاقة بينكم.
يؤثر التعامل مع المشاكل بشكل سيء أو تجنبها لفترة طويلة سلباً على قيادتكم الفعالة ونموكم. يُميز التواصل الفعال القائد الناجح، لهذا فإن المواجهة بطريقة محترمة ومباشرة وإيصال المطلوب بشكل صحيح يعد أمراَ أساسياً.
ينبغي ألَا تنطوي المواجهة على صراع، ويمكننا الاستعداد لإجراء محادثة تواجه السلوك غير المرغوب فيه بطريقة محترمة للآخرين ولأنفسنا. إضافة إلى ذلك، تركّز المواجهة الفعالة على النتيجة النهائية وعلى إيصال طلباتكم بوضوح.
التحضير للمواجهة الناجحة
يمكنكم تهيئة الأجواء لخوض مواجهة فعالة من خلال اتباع الخطوات الآتية:
البدء بطريقة محترمة: إذا كنتم في حالة غضب، فانتظروا حتى تشعروا بالهدوء لأن المحادثات العدوانية عادة ما تأتي بنتائج عكسية. كونوا لطفاء وعاملوا الآخرين بنفس الطريقة التي تودون أن تُعاملوا بها.
شخصياً وعلى انفراد: حاولوا أن ترتبوا لقاء خاص مع الشخص المقصود، تحدثوا معه بطريقة محترمة وعبّروا عن مشاعركم.
التواصل الإيجابي غير اللفظي: يفهم المستمع تعابير الوجه ونبرة الصوت والأسلوب بطريقةٍ معيّنة، فكلّ منها لها دلالات معينة تختلف بالنسبة لكل شخص. لذا حاولوا الحفاظ على التواصل البصري، فهو يظهر مدى تركيزكم واهتمامكم واحترامكم.
التحكم العاطفي: عند المواجهة، عليكم التحلي بالهدوء والتركيز على المشكلة للمحافظة على ثباتكم العاطفي. اسمحوا للشخص الآخر أن يعبر عن موقفه بعد شرحكم للمشكلة، أنصتوا إليه مع عدم المقاطعة أو محاولة الدفاع عن النفس. فالتحضير لهذه المحادثة في وقت سابق، سيقلل من احتمالية أن تكونوا عاطفيين بشكل مفرط.
استخدام رسائل "الأنا": لا تخشوا من امتلاك أفكاركم ومشاعركم. استخدموا الرسائل التي تعبر عنكم (رسائل "الأنا") لأنها تحمل في طياتها مسؤولية شخصية عوضاً عن التعميم.
التركيز على السلوكيات المرغوبة: إن المواجهة الفعالة تركز على ما ترغبون به عوضاً عن ما لا تريدون، بالإضافة إلى إعطاء أمثلة عن السلوكليات التي تحبذونها لتكون الأمور واضحة لدى الطرف الآخر.
طرح الحلول: كونوا على استعداد للتنازل أو لطرح حل للمشكلة، وتواصلوا مع الطرف الآخر لمعرفة رأيه. في حال عدم الاتفاق، اسمحوا له أن يأخذ وقته للتفكير بالحل المطروح والعودة إليكم.
التركيز على التبعات والنتائج الإيجابية: يميل الناس للاعتقاد أنهم إذا استطاعوا تغيير شيء ما بعد المواجهة، فإن الأمور ستتحسن بالنسبة لهم.
أيها القادة، التزموا بالعمل على التغلب على الخوف من المواجهة عن طريق استخدام ما طرحناه سابقاً، وأعدكم أنكم ستملكون الشجاعة لمواجهة أكثر المواقف تحدياً.